The Ultimate Guide To الفضاء الافتراضي
The Ultimate Guide To الفضاء الافتراضي
Blog Article
تجاوزا للمآزق السابقة التي فرضها تغير الفضاء العمومي وامتداداته المتجلية في فكرة المواطنة والديمقراطية والحق والعدالة، وأيضا باقي المقولات المركزية للفكر السياسي المعاصر، كان من البديهي أن تنشأ أطروحات فلسفية معبرة عن هذا القلق المتعلق بإمكانية تحول انسدادات الفضاء العمومي في حال فشله في تدبير مزيجه الواقعي والافتراضي، إلى أزمة تشمل الديمقراطية وباقي مرتكزات القول السياسي المعاصر. وهي أطروحات تعتمد بالأساس على تصحيح منعرجات هذه الأزمة المحتملة من خلال التنبيه لأشكال الإقصاء والتمييز التي قد تنشأ عن تشييد فضاء عمومي لا يحترم شروط التواصل والتفاعل الإيجابي والتثاقف والتقابس وصناعة رأي عام حر ومسؤول، ولا يؤسس بالتالي لمواطنة تفاعلية ومنفتحة ومنسجمة ومتصالحة مع ذاتها ومحيطها. وهذا الذي استدعى من قبل تايلور وغيره أيضا أمثال "ميد" و"فرايزر" و"أكسيل هونيت" وغيرهم، الرهان على تجنب الاحتقار وتثمين مبادئ الاعتراف والحق في الاختلاف، من أجل بناء فضاء عمومي يسمح بتدبير اختلالات المواطنة، حتى لا تصير خاضعة لتقسيم استعماري يقول بوجود مواطنة من درجة أولى وأخرى من درجة ثانية.
التسوق الممتع كوسيط بين الحرمان النسبي والشراء الاندفاعي الإلكتروني
إذا كانت الديمقراطية وظيفتها تنظيم وتدبير المجتمع بشكل عام فأهدافها لن تتحقق إلا باشتراك جميع مكوناته، وبتوفير شروط جوهرية لا غنى عنها هي المواطنة ودولة الحق والقانون وقدسية حرية الرأي والتعبير، باعتبار كل ذلك يمثل حياة جماعية قائمة على روابط تشريعية وسياسية وثقافية وإنسانية، وإطارا تبرز فيه الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللازمة لممارسة الحرية والمساواة والعدالة، فيما يلعب الإعلام بتكنولوجياته المختلفة دورا محوريا في الديمقراطية من خلال ضمان وتكريس حرية التعبير، وكونه فضاء لتعدد الآراء والمواقف، ومصدرا للمعلومات والمعطيات اللازمة للأفراد والفاعلين ليقوموا بواجبهم كمواطنين، وكذا يعد سلطة للرقابة والتحقيق، فوسائل الإعلام بالتالي هي تعبير عن الديمقراطية وشريك لها.
أشكال جديدة من الفعل الاجتماعي :أفزت مواقع التدوين ومواقع التواصل الاجتماعي والنشر الذاتي في السياق العالمي والعربي فضاءات بديلة تشاركية وتفاعلية تحتضن جماعات افتراضية تكونت حول مشاغل مشتركة اجتماعية وسياسية بشكل أساسي، واحتضنت هذه الفضاءات أشكالا من المداولة والنقاش ذات علاقة وطيدة بالشأن العام، وسمحت للنخب السياسية المهمشة بتجاوز آليات تغييبها من الفضاء العمومي التقليدي الذي تسيطر عليه الدولة، لكن هذه الفضاءات ليست بالضرورة فضاءات للتنوع الفكري والسياسي التي يتناقش فيها المشاركون للاتفاق على معايير مشتركة، فقد يحكمها الانسجام الفكري أين يعبر المشاركون عن أفكارهم وآرائهم، وقد تتسم بالتنافر الفكري والعدائية، وعموما هذه الجماعات الافتراضية اكتسبت قدرة على الفعل في الفضاء الافتراضي من خلال إنتاج مضامين سياسية وثقافية وتداولها بكل حرية بعيدا عن أشكال التضييق المعهودة من السلطة وأعوانها.
وترى توفكسي وويلسون أن مواقع التواصل الاجتماعي تقدم للناس قناة مدنية وتشاركية بهدف جمع وتقاسم المعلومات وبناء التحالفات وتوصيل الانشغالات وتنظيم أنفسهم عبر الإنترنت مما يمكنهم من إحداث التغير المنشود، وعليه أصبح من الممكن القيام بالعديد من الأنشطة المدنية الموصولة بالإنترنت انطلاقا من كون المشاركة المدنية تعتبر كوسيلة لإحداث التغيير في المجتمع عبر آليات سياسية وغير سياسية.
من الصعب تفسير عملية تكوين الرأي العام، لأنه متغير ومتقلب، كما أنه لا يمكن إدراكه بمعزل عن دور المعلومات التي يحصل عليها الفرد من البيئة السياسية والاجتماعية المحيطة، وخاصة في القضايا المهمة التي تتصل بمصائر الشعوب.
وهكذا يكون الاستبداد مجاورا حتى للأنظمة الديمقراطية التي تقول عن نفسها إنها حرة وعادلة، ولا يفصل بينهما سوى شعرة تتحدد بنوعية الفضاء العمومي؛ ذلك أن خلق فضاء واقعي أو افتراضي موسوم بصفة التدخل والاحتكار الأيديولوجي من شأنه أن يؤسس لمواطنة مهزوزة، تماشيا مع حالة فقدان الثقة التي تنشأ عن تصدع العلاقة بين الوطن والمواطن في هذه الحالة حتى لو تعلق الأمر بالأنظمة الديمقراطية؛ أي إن التحول الذي طال الفضاء العام في الحالة التي يفقد فيها جاذبيته ونزاهته هو أمر يقتضي إعادة النظر في أسئلة المواطنة والديمقراطية والحق والقانون، وهو الذي يفسر التوجه صوب الإصرار على مطالب جديدة للملمة صدوع وتشققات هذه المقولات ضمن متن تايلور أو غيره أيضا، من خلال الرهان على الاعتراف والحق في الاختلاف لتجاوز مأزق خسارة الفضاء العمومي لجاذبيته ومصداقيته، أو بالأحرى لمواطنته المنفتحة على التجاوب والتواصل والتثاقف، حتى لا تتحول الديمقراطية نفسها إلى استبداد.
وفي الآونة الأخيرة برزت تحيزات لمن يقوم بتأسيس المواقع والشبكات الافتراضية من حيث انتقاء المعلومات التي تؤيد وجهة نظره فقط، الأمر الذي يقوم به أيضا من يقوم بإنشاء صفحات معارضة بما ينعكس في النهاية في الإضرار بالقضية محل الاهتمام وتضليل الرأي العام، وهو ما يكون له تأثير بالغ في المجتمع ويكون مناخا مناسبا للصراع الطائفي والعقائدي والنزاع الشخصي والجماعي.
فضاء عمومي اتصالي منتج وصانع للثقافة الجماهيرية الاستهلاكية من طرف جميع الشرائح الاجتماعية.
ويؤكد تشارلز ليدبيتر على أن انفتاح منصات التواصل الامارات الاجتماعي يسهل من إمكانات التعاون الجمعي بين الأفراد والجماعات الذين أصبحوا مصدر الابتكارات والأفكار الجديدة في الممارسات الديمقراطية، ويتوافق هذا الرأي مع عديد الدراسات التي أكدت منذ فترة طويلة على ضرورة الاعتراف بالدور المركزي الذي تلعبه «المجموعات الاجتماعية » في تشكيل وتصميم ونشر التكنولوجيات الجديدة.
بسبب هامش الحرية التي توفرها شبكات التواصل الاجتماعي في العالم العربي أصبحت تمثل فضاء عموميا افتراضيا مفتوحا تطرح فيه القضايا للحوار والنقاش أمام كل أفراد الجمهور.
فمفهوم الاعتراف بوصفه مبدأً مؤسسا للهوية، لا يقف على مستوى تحديدها كهوية "سليمة" أو "محتقرة" عن طريق "حضور" أو "غياب" هذا الاعتراف، بل إنه يكتمل في الحالة التي يتم فيها تحديد أركانه "الأخلاقية" و"السياسية" معا؛ رغم ما يمكن أن يقال على هذا الربط، من عودة محتملة للأطروحة الأرسطية التي سطرها في كتابي "السياسة" و"الأخلاق إلى نيقوماخوس" مثلا، في الجزء المرتبط بربط "السياسي والأخلاقي".
ترتكز نظرية دوامة الصمت على مجموعة من الافتراضات، تتمثل في الآتي:
النّدوة العلميّة الدّوليّة " الأنوار الغربية ومصادرها الخارجية"
تكمن قوة الفكر السياسي الراهن في سلطة أحقية تدبيره للاستشكالات والمقولات المركزية للتداول المعاصر، كما هو الأمر في تدبير أسئلة المواطنة بما تتيحه من ممكنات الترابط والجوار مع جوهر القول السياسي في الدولة، الفضاء العمومي، الديمقراطية، القانون، الهوية، المعنى، ومعها باقي المطالب الملحة المعنية بتحدي مجاراة أسئلة الاعتراف والتعددية وحق الامارات الاختلاف، حين يجري الحديث مثلا عن مواطنة من درجة أولى وأخرى من درجة ثانية، ومعه أيضا إلحاحية تدبير هذا التعالق المفاهيمي وتشويشاته النظرية حين يجري التعامل مع "المواطنة" في سياقات أشمل تتلون دوما بأسئلة ومآزق ومستجدات الإنسان المعاصر وما يمسه جراء انقلابات نظام كينونته وشروط وجوده، المحكوم بواقعية التقدم العلمي والثورة التقنية، حتى أضحت المواطنة مجبرة على تطويع بنيتها التقليدية استجابة لشرط تشكل ما يجري تسميته بالمواطنة الفسيحة والسائلة، والمُنسكبة بوضوح ضمن "الفضاء العام فوق موضعي" باعتبارها مواطنة كونية ميزتها تجاوز الانعزالات الوطنية والقومية.